الله المسيح والرمز
في محاورة الأب متي المسكين مع جابر عصفور ونصر أبوزيد وهدي وصفي
تقديم: نصر أبوزيد
ثلاثة من كبار مفكرينا حاوروا الراهب والمفكر الأب متي المسكين ونشرت المحاورة التي تكشف عن الحجم الفكري للراحل العزيز في العدد الثاني عشر من مجلة البلاغة المقارنة 'ألف' وهو عدد خصصته المجلة الرصينة للمجاز في العصور الوسطي. ننشر في هذا البستان المحاورة بإذن من 'ألف'.
حين توجهنا في صيف 1991 لعقد هذا الحوار مع الأب متٌي المسكين، لم نكن نظن أن الحوار سيتشعب ويمتد هذا الامتداد الأفقي والرأسي، فأفقيا حدثنا الأب عن تجربته الروحية في خطها التطوري منذ اختار طريق الرهبنة وهجر الصيدلة سنة 1948 حتي عزلته الحالية في دير الأنبا مقار علي الساحل الشمالي، مرورا بالصعوبات التي تعرٌض لها من الكنيسة، والصعوبات التي مرت بها الكنيسة ذاتها نتيجة الخلافات التي شجرت بين الأنبا شنودة والرئيس السادات. ورأسيا ساعدنا الرجل بكل السماحة والحب علي القيام برحلة داخل وعيه بدءا من وعيه الديني وانتهاء بوعيه بمشكلات العالم المعاصر، وفي القلب منه مصر والعالم العربي، مرورا بآليات الشرح والتفسير وتأويل الرموز الدينية في الكتب المقدسة.
ومن حق الرجل علينا أن نشهد له بأنه محاور من الطراز الأول، يجيد الاستماع والإنصات بالقدر الذي يجيد به التعبير عن نفسه بهدوء وثقة وتواضع في الوقت نفسه. إنه تواضع العلماء وثقة الواصلين وهدوء أهل اليقين. لقد أبدي صبرا وتفهما لما قلناه نحن أهل الظاهر والجزئي والنسبي، واستمع إلينا وتفاعل معنا طامحا أن يصل بنا إلي عالمه، ويرتفع بأرواحنا إلي ذري يقينه. لقد كان سعينا للحوار مع الرجل نابعا من احترام عميق لشخصه ومن إدراك لأهمية إنجازاته الفكرية التي توٌجها بشرحه لإنجيل يوحنا في مجلدين كبيرين. وكانت عودتنا بعد الحوار عودة الظافرين بحصاد لم نكن نحلم به، فقامة الرجل شخصا وانجازا وتواضعا أعلي من كل تصوراتنا.
وما نقدمه لقارئ هذا العدد من ألف هو جزء من ذلك الحوار الخصب الثري، جزء اضطررنا لاقتطاعه ليناسب محور العدد. لكننا حافظنا علي الحوار كما هو، ولم نكن بحاجة إطلاقا للتدخل أو التعديل. وهذا الجزء الذي اقتطعناه دار كله حول شرح إنجيل يوحنا، وحول معضلة التفسير والتأويل، وقراءة الرموز.. إلخ. تحية للأب متي المسكين من ألف التي تأمل أن يتواصل قراؤها عبر هذا الحوار مع الرجل، العالم والمفكر والراهب.
منقول من جريدة اخبار الادب فى العدد رقم 676 .